أثار قرار المحكمة الجنائية الدولية في الأسبوع الماضي باتهام الرئيس السوداني عمر البشير بدعاوى جرائم حرب في دارفور سخط الكثيرين داخل السودان وخارجه. فالمدعي العام للمحكمة الدولية اختار لأول مرة شخصية سياسية في السلطة لتوجيه الاتهام لها، وكان معظم الأشخاص الموجهة تهم إليهم في الماضي قد خرجوا من السلطة، حين قررت المحكمة توجيه مثل هذه التهم إليهم. وبالرغم من دفاع المدعي العام للمحكمة بأن هناك أسساً قانونية وقضائية لهذا الاتهام، فقد ظهر واضحاً البعد السياسي لهذا الاتهام. فمعظم من وجهت إليهم هذه التهم كانوا شخصيات من العالم الثالث، أو من دول كانت تدور في الفلك السوفيتي. كما أن المحكمة الجنائية الدولية لم تجرؤ على اتهام أي مسؤول عسكري أو سياسي إسرائيلي بتهم انتهاكات حقوق الإنسان في غزة وجرائم الحرب فيها، أو في الضفة الغربية. كما أن هذه المحكمة لم تجرؤ على محاكمة أقطاب الإدارة الأمريكية السابقة لغزوهم لكل من العراق وأفغانستان، وكلها أعمال منافية للقانون الدولي ولم تتم، على الأقل، بموافقة مجلس الأمن.
يمكن أن يدعي المدعي العام للمحكمة الجنائية أن مجلس الأمن لم يخول المحكمة للنظر في هذه الجرائم، ويمكن أن يلجأ المدعي العام إلى القول بأن الولايات المتحدة ليست عضواً في هذه المحكمة ولا تعترف بقراراتها. وإذا ما طبقنا هذا المعيار الأخير فإن السودان نفسه ليس عضواً كذلك في هذه المحكمة وليس ملزماً بالالتزام بقراراتها وقوانينها.
ولكن المشكلة يبدو أنها أكثر من ذلك، ويعود ذلك في رأيي إلى تجييش الرأي العام الأوروبي والأمريكي منذ سنوات ضد السودان. ولقد استفادت إسرائيل من الجو المناهض للحرب في هذه الدول، وجيشت نجوم السينما والموسيقى في هذه البلدان لدعم ما سمي بالعمليات الإنسانية في دارفور.
ومشكلة دارفور في المقام الأول هي مشكلة بيئية، فالحزام الصحراوي الممتد من غرب السودان وحتى موريتانيا هو حزام جاف تعرض في السنوات الماضية لحالة شديدة من الجفاف أثرت على مواطنيه، وأشعلت نيران حروب أهلية في أماكن أخرى من القارة، سواءً في مالي أو في تشاد، أو النيجر. ولم تحظ هذه الحروب بتغطية إعلامية بمثل ما حظيت به الحرب الأهلية في دارفور. وبرغم إدانتنا من منطلق إنساني وديني لكل أعمال القتل ضد المدنيين فإن لإسرائيل دوراً في التصعيد الذي شهدته هذه المنطقة. فبناءً على تقرير نشر في (ملف الأهرام الاستراتيجي)، فإن وزير الأمن الإسرائيلي ( آفي ديختر) قد قدم في نهاية شهر سبتمبر الماضي تقريراً إلى الحكومة الإسرائيلية أوضح فيه مدى نجاح تلك الحكومة في استغلال هذه القضية لأغراض سياسية. وكيف أن شارون قد قرر في عام 2003م ضرورة التحرك في غرب السودان ومساعدة الحركات الانفصالية فيه، مثلما فعلت الحكومات الإسرائيلية المتتالية من دعم لحركة انفصال جنوب السودان. وذهب رأي (آفي ديختر) إلى أن هدف إسرائيل الاستراتيجي هو تقسيم السودان وإضعافه حتى لا يكون داعماً، أو عمقاً سياسياً واستراتيجياً لدول المواجهة العربية.
بقي أن نقول إن هذا الاستغلال من قبل العدو الأول للعالم العربي والإسلامي ليس بمستغرب، بل إن المستغرب أن نلعب على مسرح الأحداث حسب قواعد اللعبة الإسرائيلية القائمة على مبدأ فرق تسد، وتقول بعض المصادر إن بعضاً من الشخصيات السياسية في حركات دارفور مثل (شريف حرير) وعبد الواحد محمد نور متورطون في الشرك الإسرائيلي، وإن الأخير قد قام بزيارة إسرائيل قبل أسبوعين لتفقد أحوال الجالية المهاجرة واللاجئة فيها.
ويتطلب تصحيح الأوضاع القائمة؛ العمل على إنشاء حكومة وحدة وطنية تشارك فيها جميع الأحزاب والقوى السياسية السودانية وتسعى إلى إقرار السلام والاستقرار، والعمل على تنمية هذه البلاد الخصبة وزيادة إنتاجها الزراعي، حتى تصبح بحق سلة غذاء لأهلها ولمواطنيها، ولبقية البلدان العربية.
للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي تبدأ بالرمز 119 مسافة ثم الرسالة
يمكن أن يدعي المدعي العام للمحكمة الجنائية أن مجلس الأمن لم يخول المحكمة للنظر في هذه الجرائم، ويمكن أن يلجأ المدعي العام إلى القول بأن الولايات المتحدة ليست عضواً في هذه المحكمة ولا تعترف بقراراتها. وإذا ما طبقنا هذا المعيار الأخير فإن السودان نفسه ليس عضواً كذلك في هذه المحكمة وليس ملزماً بالالتزام بقراراتها وقوانينها.
ولكن المشكلة يبدو أنها أكثر من ذلك، ويعود ذلك في رأيي إلى تجييش الرأي العام الأوروبي والأمريكي منذ سنوات ضد السودان. ولقد استفادت إسرائيل من الجو المناهض للحرب في هذه الدول، وجيشت نجوم السينما والموسيقى في هذه البلدان لدعم ما سمي بالعمليات الإنسانية في دارفور.
ومشكلة دارفور في المقام الأول هي مشكلة بيئية، فالحزام الصحراوي الممتد من غرب السودان وحتى موريتانيا هو حزام جاف تعرض في السنوات الماضية لحالة شديدة من الجفاف أثرت على مواطنيه، وأشعلت نيران حروب أهلية في أماكن أخرى من القارة، سواءً في مالي أو في تشاد، أو النيجر. ولم تحظ هذه الحروب بتغطية إعلامية بمثل ما حظيت به الحرب الأهلية في دارفور. وبرغم إدانتنا من منطلق إنساني وديني لكل أعمال القتل ضد المدنيين فإن لإسرائيل دوراً في التصعيد الذي شهدته هذه المنطقة. فبناءً على تقرير نشر في (ملف الأهرام الاستراتيجي)، فإن وزير الأمن الإسرائيلي ( آفي ديختر) قد قدم في نهاية شهر سبتمبر الماضي تقريراً إلى الحكومة الإسرائيلية أوضح فيه مدى نجاح تلك الحكومة في استغلال هذه القضية لأغراض سياسية. وكيف أن شارون قد قرر في عام 2003م ضرورة التحرك في غرب السودان ومساعدة الحركات الانفصالية فيه، مثلما فعلت الحكومات الإسرائيلية المتتالية من دعم لحركة انفصال جنوب السودان. وذهب رأي (آفي ديختر) إلى أن هدف إسرائيل الاستراتيجي هو تقسيم السودان وإضعافه حتى لا يكون داعماً، أو عمقاً سياسياً واستراتيجياً لدول المواجهة العربية.
بقي أن نقول إن هذا الاستغلال من قبل العدو الأول للعالم العربي والإسلامي ليس بمستغرب، بل إن المستغرب أن نلعب على مسرح الأحداث حسب قواعد اللعبة الإسرائيلية القائمة على مبدأ فرق تسد، وتقول بعض المصادر إن بعضاً من الشخصيات السياسية في حركات دارفور مثل (شريف حرير) وعبد الواحد محمد نور متورطون في الشرك الإسرائيلي، وإن الأخير قد قام بزيارة إسرائيل قبل أسبوعين لتفقد أحوال الجالية المهاجرة واللاجئة فيها.
ويتطلب تصحيح الأوضاع القائمة؛ العمل على إنشاء حكومة وحدة وطنية تشارك فيها جميع الأحزاب والقوى السياسية السودانية وتسعى إلى إقرار السلام والاستقرار، والعمل على تنمية هذه البلاد الخصبة وزيادة إنتاجها الزراعي، حتى تصبح بحق سلة غذاء لأهلها ولمواطنيها، ولبقية البلدان العربية.
للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي تبدأ بالرمز 119 مسافة ثم الرسالة